قضايا أدبية معاصرة
الحداثة و تأثيرها على الأدب العربي و الإسلامي
بقلم / ريم أبو عيد
برغم المباحث الكثيرة التي تناولت موضوع الحداثة في الأدب العربي المعاصر إلا أن اشكالية الحداثة لا زالت تحت المجهر لما لها من تأثير مباشر على الثقافة الإسلامية و العربية على حد السواء، و مما تفتقت عنه هذه الاشكالية التباين الواضح في الآراء ما بين مؤيد لها و معارض، و هذا الاختلاف الواضح كان نتيجة حتمية لنقل المصطلح من الغرب دون اعادة صياغة تتلاءم مع معتقداتنا و تقاليدنا الإسلامية و العربية.
فالحداثة اصطلاحاً و مفهوماً عاماً هي منهجاً و فكراً يشمل جميع مناحي الحياة و يقوم هذا الفكر على التمرد على كل القيم و المعتقدات، و هي في الأدب لا تعترف بأي قيود أخلاقية أو عَقدية فالذين تبنوا الفكر الحداثي يهتمون بالجنس الأدبي أياً كان من حيث الشكل و النواحي الفنية به بغض النظر عما يحمله من أفكار قد تتنافى مع العقائد و الشرائع و الأخلاقيات.
و هذا ما جعل دعاة الدين الإسلامي يتصدون لهذا الفكر الهدام الوافد إلينا من الثقافة الغربية مما نتج عن هذا التصدي اشكالية أخرى و هي محاربة العامة لكل ما يحمل شكلا جديداً يخرج عن الشكل التقليدي للأدب الموروث حتى و إن لم يحمل بين طياته ما يتنافى مع العقيدة و التقاليد. و في اعتقادي أن هذه المشكلات نشأت من عدم الاهتمام بإعادة صياغة المصطلح أو المفهوم بما يتناسب مع الأدب العربي و الإسلامي منذ بداية وفوده علينا من الأدب الغربي و الذي تم محاكته و تقليده تقليداً أعمى مما أحدث اللبس الواضح و الخلط بين مفهوم (الحداثة) و بين مفهوم (التحديث).
فالتحديث و التجديد سنة كونية من سنن الحياة و هو من أشكال الإبداع للعقل البشري و لكن الحداثة كما نقلت إلينا هي خطر داهم على المجتمعات فضلاً عن أنها معول هدم لثقافتنا الإسلامية و العربية.
و للمحافظة على هوية ثقافتنا العربية أقترح:
- البدء في ورشة عمل لإعادة صياغة المفاهيم المتعلقة بالأدب المعاصر بما يتناسب مع قيمنا و أخلاقنا و العمل على التصدي لمحاولات التغريب المستمرة للهوية العربية التي طالت الثقافة و الأدب.
- مناقشة الإشكاليات التي تفرعت من قضية الحداثة و التي كان لها تأثيراً مباشراً على الأدب اعربي المعاصر مثل (الإغراق في الابهام والغموض في النص الأدبي و ما نشأ عن من تداعيات – الرمزية – ظهور ما يسمى بالأدب النخبوي و اللغة السريالية – عدم تقيد بعض الكتاب أو الشعراء بأي قيود أخلاقية أو عقدية في النص بزعم أنه لا حدود للإبداع – إقحام الذات الإلهية في أي نص بما يتنافى مع قدسيتها و بما لا يليق بتنزيهها)
- و من نتائج ورشة العمل يمكن أن نخرج بتوصيات من شأنها المحافظة على هوية ثقافتنا الإسلامية و العربية المعاصرة و تصحيح مسار الأدب في العصر الحالي من أي انحراف طاله و إنشاء رابطة تعنى بذلك.
و يمكن البدء بمناقشة مفهوم الحداثة و نشأتها و متى انتقلت للأدب العربي و كذلك الآراء المتباينة بشأنه ثم استخلاص أولاً تعريف و تسمية تتناسب مع الأدب العربي.